إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
تمني الموت وحكم التداوي
كتاب الجنائز
كتاب الجنائز
ألحق الفقهاء رحمهم الله الجنائز بالصلاة؛ لأن أهم ما يعمل بالميت الصلاة عليه، ولأنها تسمى صلاة، ويشترط لها أكثر شروط الصلاة، فمن أجل ذلك جعلوها تابعة لكتاب الصلاة، ولما كان يتعلق بالجنائز كثير من الأحكام جمعوها تحت هذا العنوان: كتاب الجنائز وإلا كانوا يقتصرون على الصلاة على الميت ويذكرون بقية الأحكام تبع الوصايا أو غيرها من الموضوعات.
الجنازة: اسم للميت رأس> إذا كان على السرير يسمى جنازة، واشتقاقها من جنز إذا رفع، لأنهم يرفعونها على أكتافهم وذلك هو الجنوز.
الأصل أن الميت يحمل على نعشه على الرقاب، ثم يتبعه الناس ويسيرون خلفه إلى المقابر.
يتعلق بالجنائز أحكام كثيرة قبل الموت وأحكام بعده.
حكم تمني موت رأس>
هل يجوز تمني الموت أم لا يجوز؟
الجواب: يصحح العلماء الأحاديث التي تدل على أنه لا يجوز تمني الموت إلا إذا خشي الفتنة، فالأولى أن يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه البخاري رقم (5671) في المرضى، ومسلم رقم (2680) في الذكر.](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![نفس الحديث السابق، وهذا أوله.](/site/books.png)
وأما ما حكى الله عن مريم قولها: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
حكم التداوي رأس>
هل يجوز التداوي؟ أم تركه أفضل؟
الجواب: إذا مرض الإنسان وسئم وطال به المرض فإنه يسوؤه ذلك؛ لأنه يعوقه عن الأعمال، ويتعبه ويرهقه فهو يحب زوال ذلك المرض، فأبيح له أن يستعمل العلاج الذي يبرأ به هذا المرض أو يخف، أو يستعمله حتى تطيب نفسه ولو مات لم يرد ذلك عنه.
فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر به وقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه أبو داود رقم (3874) في الطب، والترمذي بنحوه رقم (2038) في الطب.](/site/books.png)
وبعضهم يفصل فيقول: إن وثق بالتوكل وعلم أن قلبه لا يضعف فالصبر
على المرض والتحمل أفضل إلى أن يقدر الله قدره، وأما إذا ضعف قلبه وضعف توكله فالعلاج أفضل، حتى يزول الألم أو يقدر الله ما يشاء.
عيادة المريض رأس>
إذا مرض الإنسان فإنه يستحب لأصدقائه وأحبابه وإخوانه في الله أن يعودوه في مرضه، وإذا عادوه فإنهم ينفسون له في الأجل ويذكرونه بالتوبة، ويذكرونه الوصية، ويبشرونه بالشفاء العاجل وأنه سوف يقوم ويعيد الله إليه صحته وحالته الأولى، وإن كان ذلك لا يرد قدرا، وكذلك يجتهدون في الدعاء له بالشفاء العاجل، فربما أن الله تعالى يستجيب دعوتهم وإن كان الله قد قدر ما قدره.
والأحاديث والآثار في عيادة المريض كثيرة ومكتوبة في كتب الآداب.
فإذا زاره وعاده أخوه أو صديقه فإنه يذكره بالتوبة، حتى يختم عمره وعمله بالتوبة فتكون التوبة آخر عمله، يذكره كذلك بالوصية، فقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على كتابة الوصية، ويقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه البخاري رقم (2738) في الوصايا، ومسلم رقم (1627) في الوصية.](/site/books.png)
وذلك لأن الموت قد يأتي فجأة فيكون ذلك الميت قد فرط فيما عنده، فأضاع الأمانات التي عنده، أو المال الذي عند غيره، أو أضاع مثلا الأوقاف التي على يديه ولم يكتبها، أو فرط في حقوق تلزمه، فعليه أن يكتب في صحته حتى ولو كان نشيطا، حتى ولو كان في مقتبل عمره وفي أقوى صحة لا يغفل عن كتابة الوصية فإن الموت قد يأتيه فجأة، فقد يحدث عليه حادث أو سكتة أو نحو ذلك.
وفي بعض الأحاديث: في آخر الزمان يكثر موت الفجأة
![ورد ذكر موت الفجأة في حديث أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن من أمارات الساعة... وقال: أن يظهر موت الفجأة . أورده الهيثمي في المجمع (71 / 325) وقال: (رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي، وهو ضعيف). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5775). ويشهد له حديث حذيفة، رواه أبو نعيم في الحلية بإسناد ضعيف كما قاله الشيخ حمود التويجري في (إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (2 / 14، 15، 236). ثم قال رحمه الله: وقد كثر موت الفجأة والبدار (سرعة الموت) في زماننا، وخصوصا بحوادث السيارات، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.](/site/books.png)
ذكر الموت دائما رأس>
ففي الحديث الذي رواه الترمذي وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه الترمذي رقم (2460) في صفة القيامة، والنسائي في الجنائز، وابن ماجه في الزهد. وهو في صحيح سنن النسائي رقم (1720).](/site/books.png)
وفي بعض الروايات أنه قال: رسم> فإنه ما ذكر في قليل إلا كثره، ولا في كثير إلا قلله رسم> يعني: إذا ذكره الفقير الذي هو في حالة بؤس وقلة ذات يد، قنع بما آتاه الله، وقنع بالرزق الذي وفق له ولم يشتد طلبه، كفي الحديث: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم رقم (1054) في الزكاة، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.](/site/books.png)
وكذلك إذا ذكره الذي عنده التجارات والأموال الكثيرة زهده فيها وحثه على بذله في وجوه الخير من الصدقات ونحوها وعلى أن يقدم لآخرته، ويتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم رقم (2958) في الزهد.](/site/books.png)
وقال -صلى الله عليه وسلم- مرة لأصحابه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه البخاري رقم (6442) في الرقاق.](/site/books.png)
فالحاصل أن في ذكر الموت ما يزهد الإنسان في الدنيا ويرغبه في الآخرة، ويحثه على الاستعداد للموت قبل نزوله، حتى يأتيه أجله وهو على أتم استعداد، ولا يأتيه وهو مفرط أو مقصر، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه أحمد (4 / 124)، والترمذي (2459) في صفة القيامة، وابن ماجه (4260) في الزهد. وأورده المنذري في شرح السنة (14 / 308، 309). عن شداد بن أوس رضي الله عنه. وحسنه الترمذي. وحسنه المنذري في شرح السنة.](/site/books.png)
فإن الذين يطيلون الآمال ويتوهمون أنهم سيعيشون كذا وكذا، وأنهم سوف يكتسبون ويتصدقون ونحو ذلك، هؤلاء قد تقطع عليهم آمالهم فلا يحصلون على ما أملوا.
توجيه المحتضر إلى القبلة رأس>
إذا نزل الموت بالإنسان استحب بعضهم -وهو مشهور- أن يوجه إلى القبلة، وروي عن حذيفة أنه قال: وجهوني
![قال الألباني: لم أجده عن حذيفة، وإنما روي عن البراء بن معرور. أخرجه الحاكم (1 / 353، 354) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ووافقه الذهبي، انظر الإرواء رقم (689)، وذكره الزركشي برقم (993).](/site/books.png)
![أخرجه أبو داود رقم (2875) في الوصايا، والنسائي، وحسنه الألباني في الإرواء رقم (690) وهو في شرح الزركشي برقم (992).](/site/books.png)
فيندب إذا احتضر أن يوجه إلى القبلة ويكون على جنبه الأيمن، وكذلك إذا وضع في قبره يجعل وجهه إلى القبلة ويكون على جنبه الأيمن.
مسألة>